إنتفاضة الشعوب العربية الى أين ...؟

بغض النظر عن رأينا الشخصي لما يحدث من ثورات وإنتفاضات في الشعوب العربية، حيث أننا ننظر إليها على أنها حق تأخرت المطالبة به كثيراً، وعلى أنه (عودة الروح) الى جسد ميت، وعلى أنه لابد للأعضاء المصابة بالغنغرينا إما أن تقضي على حياة المرء أو يستأصلها قبل فوات الأوان، وان جميع الأنظمة العربية بلا إستثناء، هي أعضاء مصابة بالغنغرينا، سواء كانت في المشرق أو المغرب أو الخليج أو الشام، وان عملية إستئصالها بعملية جراحية نظيفة ومعقمة، أو بواسطة معول صدئ، باتت خياراً لابد منه، إذا كانت الشعوب العربية تنوي أن لايكون مصيرها في متحف الحيوانات المنقرضة. وعليه فإننا نستبشر خيراً بهذه الثورات والأنتفاضات - وهذا رأي شخصي.
ولكن .. ماتخبر به الروايات الواردة عمن يخبره العليم الخبير( فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ) ، فانه صلى الله عليه وآله أخبرنا بالأسباب والعواقب والنتائج الأخرى وأبعادها، لما يحدث في مثل هذا الوقت بالتحديد، وهي علوم تفوق رؤية المحللين والمفكرين والمفسرين وهي التالي :.

15‏/03‏/2012

انتفاضة الشعوب العربية 3 الشام .. نتف الاجنحة


الرسالة الثالثة
انتفاضة الشعوب العربية 3
الشـــام .. نتـــــــف الأجـــــــنحة

من كلمات الإمام الحسين عليه السلام :
في نشر علوم آهل البيت (ع) وتفقيه شيعتهم و محبيهم و مواليهم بها لتفسير الظواهر التاريخية والسياسية والاجتماعية وغيرها من المجالات ، بالتفسير الحق ، ليخرجوهم من الظلمات إلى النور ، وخاصة في زمن الغيبة ، قال (ع) :
بسنده عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام قال :
قال الحسين بن علي عليهما السلام :
( من كفل لنا يتيما قطعته عنا محبتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه ، قال الله عز وجل : يا أيها العبد الكريم المواسى لأخيه ، أنا أولى بالكرم منك ، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم ) [1] .
فتنة الشام .. نتف الأجنحة :
    تصف الروايات المنطقة العربية بطائر الباز ، فالشام الرأس ، ودمشق المنقار ، والعراق ومصر الجناحين ، فيبدأ المنقار بنتف الجناحين ، فأول ما يخرب هو العراق ، ثم مصر ، و ( الحجاز ذيل الباز ) أي آخر ما يخرب ، وبعض الروايات وصفته هكذا :
* بسنده عن كعب قال : رأس الأرض الشام وجناحاها مصر والعراق والذنابا الحجاز وعلى الذنابا يسلخ الباز .
 * بسنده عن كعب قال : لا يزال للناس مدة حتى يقرع الرأس ، فإذا قرع الرأس يعني الشام هلك الناس قيل لكعب وما قرع الرأس قال الشام يخرب .) [2]
 *  بسنده عن كعب قال:  إن الله تعالى خلق الدنيا بمنزلة الطائر فجعل الجناحين المشرق والمغرب وجعل الرأس الشام وجعل رأس الرأس حمص وفيها المنقار فإذا نقص المنقار تناقف الناس ، وجعل الجؤجؤ دمشق وفيها القلب فإذا تحرك القلب تحرك الجسد ، وللرأس ضربتان ضربة من الجناح الشرقي وهي على دمشق وضربة من الجناح الغربي وهي على حمص وهي أثقلها ، ثم يقبل الرأس على الجناحين فينتفهما ريشة ريشة .) [3]
أصل الوصف من الإنجيل :
   لا تختلف أوصاف أئمة أهل البيت (ع) أو الروايات المرفوعة عن هذا الوصف كثيرا ، إلا بالتمثيل فقط ، بينما نجد أن هذه الأوصاف جاءت عن رجل هو من أهل الكتاب الذين اسلموا ، وهو كعب الأحبار ، واصلها من رؤيا النبي دانيال (ع) :
[ كنت أرى في رؤياى ليلا , وإذا بأربع رياح السماء هجمت على البحر الكبير , وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة , هذا مخالف ذاك .الأول كالأسد وله جناحا نسر , وكنت انظر حتى إنتتف جناحاه وانتصب على الأرض وأوقف على رجلين كانسان واُعطى قلب إنسان. وإذا بحيوان آخر ثان شبيه بالدب فارتفع على جنب واحد وفى فمه ثلاث أضلع بين أسنانه فقالوا له هكذا : قم كل لحما كثيرا . وبعد هذا كنت أرى وإذا بآخر مثل النمر وله على ظهره  أربعة أجنحة طائر . وكان للحيوان أربعة رؤوس , وأُعطى سلطانا . بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوى وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة , أكل وسحق وداس الباقى برجليه . وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله , وله عشرة قرون ] [4] .
تفسير الإمام علي عليه السلام :
   حاول المتكلفون قديما وحديثا تفسير هذه الرموز ، وتكلفوا كل التكلف ، وزعموا مزاعم جعلتهم يصفقون لأنفسهم كثيرا ، وصفق له الآخرون ، ولكنها تفسيرات بعيدة كل البُعد عن قول الحق ، فمنهم من فسر الأسد ببريطانيا العظمى ، والدب بروسيا ، والنمر بأمريكا ـ أو النمور ألآسيوية ، وكلام جزاف عن عالم الأرقام الموهوم [5] .
     وأما من حاز علم الأولين والآخرين وهو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، فتكلم بحوادث آخر الزمان وعلامات ظهور الإمام المهدي (عج ) وذكر ملوك بني العباس الذين يضيع في زمنهم المسجد الأقصى ، و تسوء فيه إسرائيل وجوه كل العرب ، فقال عليه السلام :
(( جند مصر يكسرون رقبة إسرائيل الكذاب ، ويثقبون السد في الأرض المباركة لما قادهم احمد ، وصدّق محمد ، و جرّب النعجة أن يكون أسدا ، فوضع يده بيد سادات.. أنور سنوات و أظلم سنوات ، و يقضي الله أمرا ، و تنفصم عرى بيوت العرب ، يبصق بعضهم في وجوه بعض ، في رقّ منشور يفرح له قلب إسرائيل و رأسها . )[6] .
   ويعني بالسد الذي يثقبونه ( خط بارليف ) ، والحديث هو عن حرب تشرين ( 1973 م ) ، وتفريط السادات بنتائج هذا النصر في اتفاقية (كامب ديفد ) ووصفه بأنه ( أنور) لقيامه بالحرب لتحرير الأرض ، و ( اظلم ) لانخراطه في اتفاقيات كامب ديفد ، وبالطبع فان هذا الوصف منه عليه السلام لمن يقاوم ويحارب من اجل تحرير بلده والدفاع عن الحرمات ، والأظلم ( من الظلام ) لمن يعقد الاتفاقيات ويعطي العهود ، وتلاحظ روعة اللحن هنا في كلامه عليه السلام ، وأما النعجة التي جرّبت أن تكون أسدا فهو من لحن القول المشهور عند أمير المؤمنين (ع) يشير به إلى ( حافظ الأسد ) الذي هو اسم على غير مسمى ، مهما تشدقوا بالصمود والتصدي ، وغيره من المزاعم الفارغة .
وأما النمر : فهو النميري ( جعفر النميري  رئيس السودان ) يوم ضياع القدس ، وأما الدب : فهو ( فهد بن عبد العزيز ) ، وهؤلاء هم الراية الثانية من أولاد عبد الله بن عباس ( الدولة العباسية الثانية ) الذين أسماؤهم على أسماء الحيوانات المتوحشة التي رآها النبي دانيا (ع) ، حيث أن لهم رايتان :
عن أبي هريرة قال :
( كنت في بيت ابن عباس ، فقال أغلقوا الباب ، ثم قال : ما هنا من غيرنا احد ؟ قالوا لا ، وكنت في ناحية من القوم ، فقال بن عباس : إذا رأيتم الرايات السود مقبلة من المشرق فأكرموا الفرس فان دولتنا فيهم ،قال أبو هريرة ، فقلت لابن عباس : أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله (ص) ؟ قال ابن عباس ، وانك لها هنا ؟ قلت نعم ، قال حدّث ، قلت : سمعت رسول الله (ص) يقول : إذا خرجت الرايات السود فان أولها فتنة و أوسطها ضلالة و آخرها كفر. )[7] .
* حدثنا عبد القدوس عن ابن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي عن عبد الله بن أبي الأشعث الليثي قال : تخرج لبني العباس رايتان إحداهما ، أولها نصر وآخرها وزر لا ينصرونها ، لا نصرها الله ، والأخرى ، أولها وزر وآخرها كفر، لا ينصروها ، لا نصرها الله . )[8].
* ومنها : أن النبي صلى الله عليه وآله قال للعباس : ويل لذريتي من ذريتك . فقال : يا رسول الله فأختصي ؟ فقال : إنه أمر قد قضي .)[9]
  وفي غيبة ألنعماني : عن الإمام الباقر (ع) أن ابن عباس بعث إلى أبيه الإمام علي بن الحسين عليهما السلام من يسأله عن هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا ) فغضب الإمام علي بن الحسين (ع) و قال للسائل : ( وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به ، ثم قال : نزلت في أبي و فينا ، ولم يكن الرباط الذي اُمرنا به بعد ، و سيكون في ذرية من نسلنا المرابط . ثم قال :  أما إن في صلبه ـ يعني ابن عباس ـ وديعة ذرئت لنار جهنم ، سيُخرجون أقواما من دين الله أفواجا ، و ستصبغ الأرض بدماء فراخ من فراخ آل محمد ، تنهض تلك الأفراخ في غير وقت ، و تطلب غير مدرك ، و يُرابط الذين آمنوا و يصبرون و يُصابرون حتى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين . )[10]
*[  وروى صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد الجعفي ، عن جابر قال : قال أبو جعفر عليه السلام : ( توقوا آخر دولة بني العباس ، فإن لهم في شيعتنا لذعات أمض من الحريق الملتهب ) .
 * وروى عمار الساباطي ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : " آخر دولة ولد العباس ضرام عرفج ، يلتهب ، فتوقوهم فإن المتوقي لهم فائز. ] [11]
     إن هذه الروايات هي التي تفسر لنا الدوافع الحقيقية لـ ( "حم* عسق" ..  : حمد بن جاسم ، ع : عبد الله ، س : سعود الفيصل وسلمان  ) في التحريض الطائفي وعقد المؤتمرات الدولية المتتابعة ، بالتحالف مع الروم وبني إسرائيل ، لاستصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي ضد سوريا ، والمطالب السعودية والقطرية لتسليح  ( المعارضة السورية ) لإسقاط نظام الحكم في سوريا ، بل ويفسر قبل ذلك استهداف العراق و الشعب العراقي بحجة ( صدام حسين ) ، حيث تبين بعد سقوط صدام ، إن المستهدف لم يكن لا صدام ولا حزبه ولا نظامه السياسي ، وإنما شيعة أهل البيت في العراق . وكما ان بشار الاسد ليس شيعي بل هو من اولاد عبد الله بن عباس ، اي انهم اخوة اختلفوا ( اختلاف الاحزاب )
     وعلى أية حال ، إننا نحاول في هذه الرسائل تجنب التحليل المعمق ، ونقل الصور من ميدان الصراع ، كما يفعل المراسل الصحفي أو العسكري ، فلا هو الصانع ، ولا هو المانع ، وإنما ينظر من طرف خفي أحيانا إلى أصحاب القرار ، ليفهم بم يفكرون ؟ وماذا ينوون ؟ وماذا يسرّون غير ما يعلنون ؟ ثم يستشرف خطواتهم اللاحقة ، لينقل الصورة للمشاهد بأمانة ، ثم ليتمكن المشاهد من تحديد موقفه من الأمور الملتبسة ، وليفهم حقيقة ما يجري من الحوادث خارج حدود المنطق و المعقول ، والغاية : محاولة إنقاذه من التهلكة .
   وبعد إن تبين من الواقع السياسي ومن الروايات ، أن الأمور متداخلة بحيث لا يمكن فصل حوادث بلد عن بلد ، لان رؤوس الفتنة هم ذاتهم في البلدان كلها ، وكانت في مراحلها الأولى تدور من بلد إلى بلد ، بينما في مراحلها ــ أو مرحلتها ــ النهائية ، تكون كموج البحر الهائج ، تضرب في كل الأماكن ، وتخلع الشعوب العربية أعنتها ، فلا سيطرة عليها ولا ضابط يضبطها ، وتفقد أكثر الناس عقولها ، بحثا عن حل أو بديل ، لكن الخيارات المطروحة كلها خيارات فاشلة ومحبطة أمام الطموحات الكبيرة  والتطلعات العالية للشعوب ، ومن هنا فان من قصر النظر وضيق الافق الاعتقاد بإمكانية عزل الفتنة في بلد عن بلد ، إلا خصوصية واحدة تذكرها الروايات : وهي خصوصية فتنة الشام ، كما سنأتي على هذه الخصوصية .
   إذن رسالتنا هذه في مسارات فتنة الشام ونتف الأجنحة ، ولا نعطيها حقها من التحليل ما لم نفهم الخلفيات التي قدمناها ، وما لم نفهم : كيف أشار إليها القرآن الكريم :
ما يرمي إليه قوله تعالى : "  وَتَرَكْـنَا بَعْــضَهُمْ يَوْمــَئِذٍ يَمُـوجُ فِي بَعْــضٍ "  
بالرغم من أن الآية السابقة تدل على أن هذه الآية هي في ( يأجوج و مأجوج ) ، إلا أن الروايات النبوية ، تجعلها عامة شاملة ، وليست خاصة بيأجوج ومأجوج ، فالمفسدون في الأرض ، وإن اختلفت أشكالهم ، ولكن تشابهت قلوبهم ، فكلهم يأجوج ومأجوج ، ومن هنا تصف الروايات هذه الفتنة بمرحلتها الحالية ـ وكما نشاهدها في الميادين ، والساحات والشوارع ، وعلى شاشات التلفزة وعلى ارض الواقع ، بان الناس يموج بعضهم في بعض ، كنوع من أنواع العذاب الأدنى :
* بسنده عن أبي هريرة قال ،  قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( تأتيكم بعدي أربع فتن الأولى يستحل فيها الدماء والثانبة يستحل فيها الدماء والأموال والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج والرابعة صماء عمياء مطبقة تمور مور الموج في البحر حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ تطيف بالشام وتغشى العراق وتخبط الجزيرة بيدها ورجلها  وتعرك الأمة فيها بالبلاء عرك الأديم ثم لا يستطيع أحد من الناس يقول فيها مه مه ثم لا يرفعونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى ) [12].
بسنده عن ابي هريرة ، قال رسول الله  صلى الله عليه وآله في قوله تعالى ( أو يلبسكم شيعا ) ، قال: ( أربع فتن تأتي الفتنة الأولى فيستحل فيها الدماء والثانية يستحل فيها الدماء والأموال والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج ، والرابعة عمياء مظلمة تمور مور البحر تنتشر حتى لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ) [13].
* .. أبو الطفيل قال سمعت حذيفة يقول الفتن ثلاث تسوقهم الرابعة إلى الدجال التي ترمي بالرضف والتي ترمي بالنشف والسوداء المظلمة والتي تموج موج البحر . ) [14]
ومعنى (ترمي بالرضف ، و ترمي بالنشف ) : أي بالثقيل وبالخفيف من السلاح
القتال بين فرق كلها على الباطل :
* عن حذيفة بن اليمان : وليكونن فيكم أيتها الأمة أربع فتن الرقطاء والمظلمة وفلانة وفلانة ولتسلمنكم الرابعة إلى الدجال وليقتتلن ما بهذا الغائط فئتان ، ما أبالي في أيهما رميت بسهم كنانتي .) [15]  
بسنده عن عمير بن هانئ أن رسول الله (ص) قال ( في الفتنة الثالثة فتنة الدهيم  ويقاتل الرجل فيها لا يدري على حق يقاتل أم على باطل ) [16]  
* حدثنا أبو ثور وعبد الرزاق عن معمر عن طارق عن منذر الثوري عن عاصم بن ضمرة عن الإمام علي (ع)  قال في الفتنة الخامسة : العمياء الصماء المطبقة يصير الناس فيها كالبهائم .) [17]
هوية الفرق المتقاتلة في الشام :
* حدثنا الوليد ورشدين عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن سعيد بن الأسود عن ذي قريات قال : فيختلف الناس على أربع نفر رجلان بالشام :
 رجل من آل الحكم أزرق أصهب ، ورجل من مضر قصير جبار، والسفياني ، والعائذ بمكة، فذلك أربعة نفر . [18]   .  ( العائذ بمكة : هو الإمام المهدي "عج" ) .
 قال الوليد فحدثني شيخ عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) قال : يقتل أربعة نفر بالشام كلهم ولد خليفة رجل من بني مروان ورجل من آل أبي سفيان قال فيظهر السفياني على المروانيين فيقتلهم ثم يتبع بني مروان فيقتلهم ثم يقبل على أهل المشرق وبني العباس حتى يدخل الكوفة .
قال أبو جعفر (ع) : ينازع السفياني بدمشق أحد بني مروان فيظهر على المرواني فيقتله ثم يقتل بني مروان ثلاثة أشهر. [19]
 " يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ" : بالمواقف
* ( حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن راشد عن أبي جحيفة عن الإمام علي (ع) قال : أقل ما تغلبون عليه من الجهاد، الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بألسنتكم ثم الجهاد بقلوبكم فأي قلب لم يعرف المعروف ولا ينكر المنكر جعل أعلاه أسفله .
 * حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن زبيد عن الشعبي عن أبي جحيفة عن الإمام  علي (ع) قال إذا كان القلب لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا نكس فجعل أعلاه أسفله ) [20]
    عن حذيفة بن اليمان قال تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير، فأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء وأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء حتى تصير القلوب إلى قلبين ، قلب أبيض مثل الصفا لا يضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر مرباد أسود كالكوز مجخيا  وقال بيده هكذا منكوسا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه وإن من دون ذلك بابا مغلقا وإن ذلك الباب رجل يوشك أن يقتل أو يموت حديث ليس بالأغاليط .) [21]
أن هذه الفتنة تلتبس فيها الأمور :
* حدثنا هشيم عن الشيباني عن الشعبي أنا هزيل بن شرحبيل أن أبا مسعود الأنصاري جاء إلى حذيفة بن اليمان فقال : أخبرنا بأمر نأخذ به بعدك فقال حذيفة إن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف فانظر الذي أنت عليه اليوم فتمسك به فإنه لا يضرك فتنة بعد . حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن جابر عن عامر قال سئل حذيفة أي الفتن أشد ؟ قال تعرض على قلبك الخير والشر فلا تدري أيهما تركب . ) [22]
*حدثنا جنادة بن عيسى الأزدي وأبو أيوب عن أرطاة بن المنذر عن أبي عذبة الحضرمي قال : إن طال بكم عمر فيوشك بالرجل منكم أن يأتي قبر أخيه فيتمعك عليه ويقول يا ليتني كنت مكانك قد نجوت قد نجوت فقال غلام حدث من القوم وعم ذاك يا أبا عذبة ؟ قال تدعون إلى عدو من ناحية فبينما أنتم كذلك تدعون إلى ناحية أخرى وعدو آخر فبينما أنتم كذلك إذ دعيتم إلى عدو آخر فلا تدرون إلى أي عدوكم تنفرون فيومئذ يكون ذلك .) [23]
انتظار الأمويين لدولتهم :
ما انفكت المعتقدات التي يعتقد بها أبي سفيان ، ثم يزيد ( حيث قال أبو سفيان : " تلاقفوها تلاقف الكرة ، فوالذي يقسم به أبو سفيان ، ما من جنة ولا نار" ... ثم من بعده يزيد الذي قال " لعبت هاشم بالمُلك   فلا خبر جاء ولا وحي نزل " ) ما انفكت هذه العقيدة راسخة في نفوس بني أمية ، فالقضية التي يؤمنون بها ويناضلون من اجلها : هي المُلك والدولة ، بغض النظر عن كون هذه الدولة ملعونة أم مباركة ، وبغض النظر عن كون قيامها على دماء الشياطين وأحزاب الشياطين ، أم على دماء الأنبياء وأولاد الأنبياء .
    وبالرغم من أن دولة بني أمية في آخر الزمان هي اقصر دولة ــ حيث أن مدتها حمل إمرأة ، ثمانية أشهر فقط ــ وبالرغم من أن نزول عذاب الاستئصال بهم هو على اثر قيام هذه الدولة ، إلا أن انتظارهم لها كانتظار الأنبياء وأولاد الأنبياء لدولة الوعد الإلهي على يدي الإمام المهدي المباركتين عليه السلام ، ويظهر من خلال الواقع الحالي والاستعدادات القائمة في الشام وفي بلاد المغرب إن المضي نحو الهاوية أمر محتوم ، وانه لم يأت من فراغ ، بل أيضا من خلال انتظار طويل لعملية انتحار جماعي في حالة سكر شديد كنهاية سعيدة بالنسبة للقائمين بها ، ويظهر ذلك من خلال ما ذكره المسعودي عن إيمانهم بدولتهم وانتظارهم لها :
{ ورأيت في سنة 324 هج بمدينة طبرية من بلاد الأردن من ارض الشأم عند بعض موالى بنى أمية ممن ينتحل العلم والأدب ويتحيز إلى العثمانية كتابا فيه نحو من ثلاثمائة ورقة بخط مجموع مترجم بكتاب ( البراهين في إمامة الأمويين ) ...[ وقال في آخره ، مما هو مذكور في هذا الكتاب ] :
   وذكر من بعد ذلك أخبارا من أخبار الملاحم الآتية والأنباء الكائنة مما يحدث في المستقبل من الزمان والآتي من الأيام من ظهور أمرهم ورجوع دولتهم ، وظهور السفياني في الوادي اليابس من أرض الشأم في غسان وقضاعة ولخم وجذام وغاراته وحروبه ومسير الأمويين من بلاد الأندلس إلى الشأم ، وأنهم أصحاب الخيل الشهب والرايات الصفر ، وما يكون لهم من الوقائع والحروب والغارات والزحوف ولم يذكر في هذا الكتاب هذه الألقاب ولا شيئا منها } [24]
ويل للعرب من شر قد اقترب :
    عن أبي هريرة قال : ويل للعرب من شر قد اقترب أظلت ورب الكعبة أظلت ! والله لهي أسرع إليهم من الفرس المضمر السريع ! الفتنة العمياء الصماء المشبهة ، يصبح الرجل فيها على أمر ويمسي على أمر ، القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ، ولو أحدثكم بكل الذي أعلم لقطعتم عنقي من ههنا - وأشار إلى قفاه ويقول : اللهم لا تدرك أبا هريرة إمرة الصبيان ) [25]
بعد هذه الوسائل الإيضاحية البليغة نعود إلى ما يدور الآن في سوريا والشام لنرى إلى أين يسير اتجاه الحوادث ، ومن ذلك : نستكشف من الروايات هل أن روسيا والصين ماضيتان في موقفهما ؟ فلقد فقدت روسيا من حلفائها من هو أهم من سوريا ، مثل العراق وليبيا ومصر سابقا واليمن ، ولم يكن لها هذا الموقف الجدي بالتصدي للمشروع الأمريكي ، فليست سوريا بدولة نفطية ولا سوقا بحجم العراق ، ولا استثمارات روسية تستدعي مثل هذا الموقف ، فما أهمية الشام أو سوريا بالنسبة إلى روسيا والصين ؟
حدثنا عبد الله بن مروان عن أبيه عن كعب قال : إذا ملك رجل من بني العباس يقال له عبد الله وهو ذو العين الآخرة منهم ــ بها افتتحوا وبها يختمون ــ فهو مفتاح سيف الفناء، فإذا قرئ كتاب له بالشام من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين لم يلبثوا أن يبلغكم كتاب قد قرئ على منبر مصر من عبد الله عبد الرحمن أمير المؤمنين، فإذا كان ذلك ابتدر أهل المشرق وأهل المغرب الشام كفرسي رهان ، يرون أن الملك لا يتم إلا لمن ضبط الشام، كل يقول من غلب عليها فقد حوى على الملك . ) [26]
   يبين من هذه الرواية ، ومن رؤية الأطراف السياسية التي ترى (  أن الملك لا يتم إلا لمن ضبط الشام، كلٌّ يقول : من غلب عليها فقد حوى على الملك ) ، يبين منها : أن خاتم الأربعين: ( عبد الله ) ،و" سين " السفهاء : سعود ، و "حم" : حمد بن جاسم ، مخطئون في تقديراتهم باحتمالية ثني روسيا عن الذهاب في موقفها إلى نهاية الشوط ، وان تهديد ( لافروف ) وزير خارجية روسيا لحمد بجعل قطر ( ثقب في الأرض ) انه تهديد جدي وليس من قبيل تهديداتهم الجوفاء ، ويبين منها إن العالم متجه بشكل حثيث باتجاه ( الم * .. غُلِبَت الروم ) ، حيث أن معنى ( الم* ) هنا في هذه السورة : الملحمة العظمى .. الحرب العالمية الثالثة ، بحسب توصيفات العصر الحديث .  ومن هنا تأتي خصوصية فتنة الشام، فالحرب على سوريا ليست الحرب على ليبيا، وليس التحريض على مصر أو تونس أو الجزائر أو العراق أو غيرهم ، ليس بمعنى قوة النظام في سوريا، بل ( الإملاء والاستدراج ) الإلهي .
توضيح :
  من خلال تحليلنا لـ ( الخافية القمرية ) التي ذكرها القندوزي في ينابيع المودة ــ قال انه حلها ولكن لم يذكر ما هو الحل ــ وتناولناها بفك شفرتها بتوفيق الله في كتابنا ( عولمتنا .. دولة الإمام المهدي "ع" ) ، ومن خلال تحليلنا لقصيدة الشيخ محيي الدين الطائي العربي ( المشهور بـ " ابن عربي" )  ، تبين لنا بالدليل القاطع أن ( عبد الله ملك السعودية ) هو مفتاح سيف الفناء ، وهو الـ ( عين ) التي ختمت بها راية بني العباس الثانية ، بعد إن ختمت الأولى بـ ( عبد الله ) الملقب بالمستعصم ، وذلك بغزو التتار المغول وسقوط بغداد على أيديهم .
فأما الخافية القمرية فهي ( ابغِ حجك و خف عــــقيمه ) ، حيث أن ( الخاء : خالد بن عبد العزيز ) ، والـ ( فاء ): فهد بن عبد العزيز ) ، والـ ( عين ) : هو عبد الله المكين كما سماه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في خطبة ( تطنجية ) ، فالخاء ثم الفاء ثم العين، هي في آخر ثلاث ملوك من بني العباس الذين يملكون في الحجاز . وهو ما تشير إليه القصيدة الميمية لمحيي الدين العربي التي تكلمت بعلم الحروف ، في علامات ظهور الإمام المهدي (عج) ، في   كتاب ( عنقاء المغرب )[27]  منها :
فعند فناء خاء الزمـان و دالـها         على فاء مدلـول الكرور يقــوم
ومن قال إن الأربعين نهـايــة           لهم فهو قول يرتضيـه كلـــيم
    [ وهي من القصائد التي تتكلم بأسرار علوم الحروف التي أخذوها من " الجفر"  وهي طويلة ، يذكر حروف أسماء الملوك الذين يلي بعضهم البعض الآخر من بني العباس ، فيفنى من اسمه يبدأ بالخاء المنقوطة و نهايته الدال ، ثم الفاء و نهايته مكرور الحرف السابق ، أي الدال .
 وهذا ما كان ، فقد فني من كان بالخاء و الدال وهو ( خالد بن عبد العزيز) وفي زمانه ومعه اهل الملك من حرف الخاء ( خميني ، وخامنئي ، وخليفة بن حمد ، وخالدة ضياء ، وخوان كارلوس ، وخوسية ماريا ازنار ، وخافير بيريز دي كويلار ... وغيرهم ، وآخرهم من يملك هو خامنئي قبل فناء حرف الخاء ، في معركة وحرب بين الروم و الفرس .. )
ثم من كان بالفاء و الدال ، وهو ( فهد بن عبد العزيز ) ثم يأتي الأربعين نهاية لهم ، كما في القصيدة ، صاحب العين الآخرة ( عبد الله). ]
[28]
وهو ( مفتاح سيف الفناء ) الذي يشير إليه كعب الأحبار في الرواية ,
وأما إشارة القرآن الكريم إليهم بما تقدم من التأويل :
* عن أرطاة بن المنذر عمن حدثه عن ابن عباس أنه أتاه رجل ــ وعنده حذيفة ـــ فقال يا بن عباس قوله تعالى ( حم* عسق ) ؟  فأطرق ساعة وأعرض ساعة ، ثم كررها فلم يجبه بشئ ، فقال حذيفة : ( أنا أنبئك، قد عرفت لم كرهها، إنما نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق يبني عليه مدينتان يشق النهر بينهما شقا جمع فيها كل جبار عنيد)[29]   
أوهام المتكلفين في تفسير القرآن :
   ويبين لك أيها المسلم مما تقدم : إن كل الذين تكلفوا البحث عن وقت ظهور الإمام المهدي (ع) من خلال ( أعداد و أرقام الآيات القرآنية ) بحساب الجمل ، أو من حساب أعداد ( الحروف المقطعة ) في القرآن الكريم ، وبمعادلات آنية و رياضية ملفقة ، فان كل هؤلاء كاذبون .. كاذبون فلا تصدقوهم .
   وكل من زعم انه اكتشف وقت ( زوال إسرائيل ) وغير ذلك من النبوءات الكاذبة التي تنتشر اليوم في الكتب و موقع الأرقام وغيره من مواقع الانترنيت : هي أكاذيب ، و اختلاق لمعادلات رياضية لا صحة لها على الإطلاق .
  فمن أراد العلم ، فهيهات أن يجده عند غير أهل بيت النبوة عليهم السلام ، وسنشرح لكم في قادم الرسائل مزيدا من الشرح ، وكله من بركات أئمة أهل البيت عليهم السلام ، الذين قال فيهم تعالى ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) [30] .
ثم قال تعالى فيما بعد عن هذا الكتاب الذي ما من غائبة في السماء ولا في الأرض إلا وهي فيه ، قال ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) [31]
ولم يصطف الله سبحانه هؤلاء ولا آباءهم ، بل اصطفى محمد وآل محمد ، كما اصطفى إبراهيم وآل إبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين ، فسلام على عباده الذين اصطفى ، وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
                     ترقبوا رسائلنا القادمة
                                                         عامــــــر الفــــيــحــان


([1])       كلمات الإمام الحسين (ع)- الشيخ الشريفي  ص 675 :

([2])     كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 138 :
([3])     كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 137 :
([4])   دانيال 7: 2-7 
([5])   راجع موقع الأرقام على الانترنيت (  زوال دولة إسرائيل )
 [6]  المفاجاة لمحمد عيسى بن داود  ص 413  
 [7]   كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد ص 118  
 [8]   كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد ص 120  
 [9] الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي ج 1   ص 106 :
 [10]  الغيبة ـ محمد بن ابراهيم النعماني ص199 .
 [11]   إعلام الورى بأعلام الهدى - الشيخ الطبرسي ج 2   ص 280 :
 [12]   كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 29 :
 [13]   كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 29 :
 [14]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 29 :
 [15]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 32 :
 [16]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 33 :  
 [17]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 36 :
 [18]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 171
 [19]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 172
 [20]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 37 :
 [21]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 33 :
 [22]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 37 :
 [23]  كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 39 :
 [24]   التنبيه والاشراف- المسعودي  ص 291 ـ 292 :
 [25]   كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 154 :
 [26]   كنز العمال - المتقي الهندي ج 11   ص 247 :
 [27]   ينابيع المودة لذوي القربى ـ للقندوزي  ج 3   ص 338 :  قال الشيخ محيي الدين العربي  في كتابه " عنقاء المغرب " في بيان المهدي الموعود ووزرائه :

 [28]    عولمتنا .. دولة الإمام المهدي ـ عامر الفيحان  ص 482
[29]- كتاب الفتن انعيم بن حماد ص 119
[30]- النمل  75
[31]- فاطر 32

09‏/03‏/2012

الرسالة الرابعة

الرسالة الرابعة
انتـــفاضة الشعـــوب العـــربــــيـــة "4"
العراق تحت سنابك الخيل
بسم الله الرحمن الرحيم
    عندما يكون الكون كله مطوي في يمين الله (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) فان الأرض وشعوب الأرض ، لا تمثل إلا شيئا يسيرا من ملك الله وسلطان الله ونفوذ مشيئته وجريان قدره ، ومن هنا فان الحوادث التي نرويها من بقعة ما من الأرض ، وتنشغل بها العقول ووسائل الإعلام وأجهزة المخابرات ودهاليز السياسة ، تكون شاغلا لها عن الاهتمام أو الإحاطة أو التركيز على بقعة أخرى من الأرض ، بينما هي عند الله تجري بقدر مقدور ، سواء في البقاع المختلفة من الأرض ، أو في السماء .
   ولهدا فإننا عندما نتناول الأحداث في الشام أو في مصر أو في العراق أو الحجاز واليمن والمغرب وغيرها ، يجب أن لا نغفل عما يجري ويخطط له في بلاد الترك و إخوان الترك ( روسيا والصين وأمم شرقية أخرى ) أو ما يحدث عند الروم وحلفاؤهم من الإفرنج والصقالبة والأندلس ( دول حلف الناتو ) ، أي إن أمر الله ـ وإن كان مقسما إلى أقسام (فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ) ، إلا انه في النهاية أمر واحد بقدر واحد ولهدف واحد ، فكلما كان المرء ضيق الأفق فانه لا يرى إلا ما يجري حوله أو ضمن اهتماماته ، وكلما توسع افقه ، فانه يرى الترابط والتشابك بين جميع ما يجري اليوم في الشعوب العربية أو في جميع شعوب الأمم الأخرى أو ما يجري في الفلك والمناخ والجيولوجيا والفضاء ، وهدا لا يفهمه إلا الإمام المعصوم ، أو من تربى على موائد المعصومين ( عليهم السلام ) ونهل من علمهم.
وفي هده الرسالة سننقل لكم اللقطات المتفرقة التي قد لا تجدون بينها روابط ، ثم نتناولها بشيء يسير من الشرح المبسط ونترك التحليل لكم .
أسباب اختلاف الرؤساء والملوك والأمراء العرب :
*  علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان  فيما بينهم فإذا اختلفوا طمع الناس وتفرقت الكلمة وخرج السفياني . )[1]
توضيح :
 بنو فلان : يشير بها أئمة أهل البيت عليهم السلام في بعض الروايات إلى ( بني العباس ) ، وفي بعضها يسمونهم بالاسم بالصريح ، وقولهم عليهم السلام ( بني فلان ) لان القرآن الكريم أشار إليهم به فيما أشار ، بقوله تعالى (يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) .
*  حدثنا ابن وهب عن موسى بن أيوب عن سليط بن شعبة الشعثاني عن أبيه عن كريب بن عن كعب قال :(  إذا رأيت العرب تهاونت بأمر قريش ، ثم رأيت الموالي تهاونت بأمر العرب ، ثم رأيت مسلمة الأرضين تهاونت بأمر الموالي ، فقد غشيتك أشراط الساعة . ) [2]
* ابن عباس قال : أول العرب هلاكا قريش وربيعة ، قالوا : وكيف ؟ قال : أما قريش فيهلكها الملك ، وأما ربيعة فتهلكها الحمية ) [3]
وهدا هو ما يشير إليه قوله تعالى (  فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ* هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) [4]
  بينما يشير قوله تعالى ( فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ * أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنْ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [5] .
يشير به إلى اختلاف أهل الشام فيما بينهم ـ حسب قول الإمام علي (ع) . وكما اخبر القرآن الكريم ، فقد أصبح الأخلاءُ أعداءَ لا يشفى قلب احدهم من الآخر إلا بالقتل العنيف ، فبئس ما قدمت لهم أنفسهم وما سولت . وأما نتيجته : فكما جاء في الروايتين بعدها ، فهو سقوط هيبتهم في عيون قريش ، ثم سقوط قريش في عيون العرب ، ثم سقوط هيبة العرب في عيون الموالي ، ثم احتقار الأعاجم للموالي والاستخفاف بشأنهم ، ثم .. اختلاف أعناق الأمم في الحرب .
    فمن غرائب آخر الزمان أن يطالب سعود الفيصل وحمد بن جاسم وباقي فراعنة الخليج بالديمقراطية الانتخابية لشعوب ليبيا ومصر وسوريا وغيرها ، بينما هم لم يكتفوا بإنكار هوية شعوبهم ، وإنما استعبدوهم كخدم وعبيد لمملكتهم ، فالمملكة لآل سعود ، ومن هو من غير آل سعود فهو عبد مملوك لا يحق أن يكون له نصيب ولو اسم من اسم الوطن ، فهو ( سعودي شاء أم أبى ) وهنا المفارقة المضحكة من غباء هؤلاء القوم ،حيث حكموا على أنفسهم بأنفسهم (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ ) . وبمختصر القول : فان اختلاف هؤلاء القوم هو من فعل الله بهم ، فائتلاف القلوب و اختلافها هو من الله سبحانه .
    وعلى أية حال ، فإننا نحاول في هذه الرسالة نقل ما يجري في ميدان المعركة من العراق ، وبمنظارنا الليلي الذي يرى ما لا ترون في ظلمات الليل ، ولكننا نعطيكم ما خفي من الترابط بين الأحداث .
    إذن نحن في العراق ، وللعراق ثلاث رايات متصارعة ومتقاتلة ، شانه شان بقية البلاد ، ففي الشام ثلاث رايات ( الأصهب و الأبقع و السفياني ) :
 *روى الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : " الزم الأرض ولا تحرك يدا  ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك ، وما أراك تدرك ( ذلك ) : اختلاف بني العباس ، ومناد ينادي من السماء ، وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية ، ونزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام ، ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ) [6]
* قال الوليد فحدثني شيخ عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي ( ع) قال يقتل أربعة نفر بالشام كلهم ولد خليفة رجل من بني مروان ورجل من آل أبي سفيان قال فيظهر  السفياني على المروانيين فيقتلهم ثم يتبع بني مروان فيقتلهم ثم يقبل على أهل المشرق وبني العباس حتى يدخل الكوفة .) [7]
ـــ وفي اليمن ثلاث رايات ( مضر مع المرواني ، و كلب مع السفياني ، والأخيار مع اليماني ــ وهو من حمير ــ ) ، فأما رايات العراق فجاء في الرواية :
* وفي رواية عمرو بن شمر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ذكر المهدي فقال : " يدخل الكوفة وفيها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له ، ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء ) [8] .
وأما علامة ذلك فهو أن يملك من بني العباس ثلاثة تبدأ أسماؤهم بحرف ( عين )
* حدثنا عبد القدوس عن حريز بن عثمان عن حبيب بن صالح قال ليخرجن رجل يقال له عبد الرحمن بأهل المغرب حتى يأتي حمص فيصعد إلى منبرها . حدثنا ضمرة عن أبي حسان بن توبة قال لا بد من أن يملك من بني العباس ثلاثة أول أساميهم عين .) [9]
وهم ( عبد الله ملك السعودية ، و عبد الله ملك الاردن ، و علي عبد الله صالح رئيس اليمن ) . وأما عن الزوراء ، ففي تاريخ بغداد :
*(  عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي قيس عن علي بن أبي طالب أنه قال : ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " تكون مدينة بين الفرات ودجلة يكون فيها ملك بني العباس وهي الزوراء يكون فيها حرب مقطعة يسبى فيها النساء ويذبح فيها الرجال كما تذبح الغنم " ، قال أبو قيس : فقيل لعلي : يا أمير المؤمنين لم سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم الزوراء قال لان الحرب تدور في جوانبها حتى تطبقها ) [10] .
   وراية بني العباس سقطت من يد صدام حسين واسقط معه كل شيء ، فعاد إلى حملها عدة رجال منهم ( الارعش ) كما سماه أمير المؤمنين عليه السلام في الملاحم والفتن وهو عدنان الدليمي ثم ظافر العاني ومشعان الجبوري وخلف العليان والدايني ، وأخيرا صاحب ( الطاء ) من ( طسم* ) ، وهو طارق الهاشمي ، الذي يقول مجلس القضاء الأعلى انه قام بأكثر من مائة وخمسين عملية إرهابية ضد الشيعة ، لكن الحقيقة التي يعلمها الناس ، أو يعتقدون بها على الأقل وينسبونها إليه ، تفوق إضعاف هذا العدد من التفجيرات الإرهابية على مواكب حسينية وأسواق ومساطر تجمع العمال ، وأكشاك المأكولات السريعة للفقراء .
   والرايات الأخرى كثيرة ، أكثر من ثلاث ، لكن يبدو أن أكثرها سيدمر ولا يبقى لها ذكر أو أهمية ـ إلا ثلاث منها ـ ولا نستطيع تحديدها بالضبط في الوقت الحاضر ، وأهمها :
 راية الأكراد :
*ففي فتح الباري في قوله تعالى " سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ": (وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق مروان بن معاوية وغيره عن إسماعيل وقال فيه أيضا وهم هذا البارز وأخرجه أبو نعيم من طريق إبراهيم بن بشار عن سفيان وقال في آخره قال أبو هريرة : ( وهم هذا البارز يعني الأكراد )[11]
*حدثنا ابن أبي خالد عن أبيه قال نزل علينا أبو هريرة رضي الله عنه ففسر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " تقاتلوا قوما نعالهم الشعر " قال هم البارزون يعني الأكراد ، وقوله تعالى " تقاتلونهم أو يسلمون " يعني شرع لكم جهادهم وقتالهم فلا يزال ذلك مستمرا عليهم ولكم النصرة عليهم أو يسلمون ) [12].
وقولهم ( البارزون ، و البارز ) هم قبيلة البارزان الكردية التي يتزعمها الآن مسعود البارزاني ، ونجيرفان البارزاني ، ومنهم ميليشيات الأكراد ( البيشمركة ) وكلاهما ـ(ـ البارزان و بيشمركة ) من أهل حرف الباء من ( بسم ) الله . راجع " عولمتنا ....
   وفي سنة الظهور الموعودة فان من أحداث تلك السنة هي سيطرة الأكراد على الزوراء ، وإسقاط الحكومة ، فلا برلمان ولا حكومة ولا مؤسسات ولا رواتب ، فقط المؤسسة العسكرية تبقى قائمة بشكل من الأشكال ، وعند دخول السفياني إلى العراق متوجها إلى الكوفة ، فان الجيش يكون قد توجه إلى ( الجبل ) المنطقة الشمالية ـ حسب خطبة الإمام علي (ع) ، ولم يبين سبب ذلك ، هل لمواجهة التوسع الكردي ، أم لمواجهة غزو تركي ، فان الأكراد اليوم يعتقدون بان الفرصة التاريخية التي يمرون بها لا يمكن أن تتكرر في التاريخ ويجب استغلالها للإعلان الاستقلال في الوقت المناسب ، فكل ما يقولونه في الإعلام هي أكاذيب ـ يكذبها الإمام علي (ع) .
ومن جهة أخرى فان المطالب الكردية بالتوسع غير المعقول ، إلى محافظات خارج إقليم كردستان ، فيما يسمى في السياسة العراقية ( المناطق المتنازع عليها ) ، لا يعبر عن غباء سياسي فقط ، بل طغيان كما وصفه القرآن الكريم للذين تكون لهم الكرة في آخر الزمان ومن ضمنهم الأكراد ، حيث يقول تعالى (وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) [13]
حيث تشير الآية إليهم والى أمثالهم ممن ضرب الله عليهم الذلة و المسكنة لكونهم في حقيقة أنفسهم ذوو نزعات فرعونية مستكبرة ومفسدون ، وبحسب ما ورد في وسائل الإعلام الرسمية الكردية والعراقية : إن مسعود البارزاني ارتد عن دين الإسلام واعتنق المسيحية ، لترضى عنه اليهود و النصارى ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) [14]
راية الشراة ( الخوارج ) :
وفي كتاب نعيم : حدثنا سعيد أبو عثمان حدثنا جابر الجعفي عن أبي جعفر(ع) قال:
( ويظهر الأكبش مع قوم لا يؤبه لهم ، قلوبهم كزبر الحديد ، شعورهم إلى المناكب ليست لهم رأفة ولا رحمة على عدوهم ، أسماؤهم الكنى وقبائلهم القرى ، عليهم ثياب كلون الليل المظلم يقود بهم إلى آل العباس وهي دولتهم فيقتلون أعلام ذلك الزمان حتى يهربوا منهم إلى البرية فلا تزال دولتهم حتى يظهر النجم ذو الذناب ويختلفون فيما بينهم )[15].
  نقول : أسماؤهم الكنى و ألقابهم القرى كما في الرواية يعني هكذا ( أبو مصعب الزرقاوي ، أبو عمر البغدادي ، أبو حمزة المصري ) وهكذا يلقبون أبا فلان ، وقبائلهم القرى : يتلقبون بالقاب المدن والمناطق والقرى ، زرقاوي ، ومغربي ، وبغدادي ، ومصري ... الخ  .
الشرح :  من أهم الرايات التي عاثت في ارض العراق فسادا هي راية الخوارج التي دخلت تحت مسمى ( تنظيم القاعدة ) بدعوى [ إخراج المشركين من جزيرة العرب ] يعنون الأمريكان ، إلا أن الاستخبارات الغبية والذكية منها تعلم علم الوقائع والصور والشواهد أن أسامة بن لادن صنيعة أمريكية وعميل أمريكي ــ وإن انقلبوا عليه فيما بعد لإخفاء الأدلة ، كما هي عادتهم ــ وأما كاميرات المراقبة التي تنصبها وزارتا الداخلية والدفاع العراقيتان ـ وكما اطلع عليها احد النواب من الكتلة الصدرية وأعلن عنها ــ ففيها الأدلة القاطعة على تحالف استراتيجي بين الأمريكان والقاعدة ( الخوارج) ، وفي السجون والمعتقلات الأمريكية في العراق تمّ تجنيد الآلاف ــ وحسب وثائق ( موقع ويكيليكس ) السرية ، إنهم ستون ألف ــ الآلاف منهم من القاعدة للقيام بتفجيرات انتحارية ضد الشيعة ، لمواجهة ( جيش المهدي ) ، أو ما تسميه القيادة الأمريكية ( الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران ) ،
ما يقوله الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الرايتين :
في كتاب الغيبة للنعماني ، قال الإمام علي (ع) من خطبة طويلة في ( الملاحم والفتن ) تعرض فيها الى ظلم بني العباس وما سينتج عنه ، وهو تمزيق العراق برايات هي من شرّ الرايات حتى ظهور الامام المهدي (ع) ، قال :
: (في سنة إظهار غيبة المتغيب من ولدي صاحب الراية الحمراء ، والعلم الأخضر ، أي يوم للمخيبين بين الأنبار وهيت ، ذلك يوم فيه صيلم الأكراد والشراة ، وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة ، ومأوى الولاة الظلمة ، وأم البلاد وأخت العاد ، تلك ورب علي يا عمرو بن سعد بغداد ، ألا لعنة الله على العصاة من بني أمية وبني العباس الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي ولا يراقبون فيهم ذمتي ، ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي )[16]     
الأنبار ونصرة السفياني :
     غريب أمر هؤلاء العبثيين ، بالأمس القريب كانوا يستمدون قوتهم ونصرتهم من الحكومة السورية وحزب  البعث السوري  و( الرفيق المناضل بشار الأسد ) بحسب تسمياتهم ، ويجدون عنده المأوى والأموال والدعم بكل الأشكال ــ بدعوى أنهم " مقاومون " ، ولما وجدوا أن أمريكا وإسرائيل جادون في محاولة نزع ملكه ، ولما وجدوا دولارات الخليج أكثر دسامة ، نسوا كل مقولاتهم المنافقة والانتهازية عن ( القومية ، والمبادئ ، والعروبة ) وغيرها من المصطلحات المقرفة لخروجها من السنة المنافقين ، والتحقوا براية السفياني في حرستا ودرعا وحمص وأخواتها ، فماذا ورد فيهم من الروايات ؟ والى أي حال سيصيرون ؟
* ( حدثنا عبد القدوس عن ابن عياش عمن حدثه عن كعب قال إذا رجع السفياني دعا إلى نفسه بجماعة أهل المغرب فيجتمعون له ما لم يجتمعوا لأحد قط لما سبق في علم الله تعالى ثم يبعث بعثا من كوفة الأنبار ثم يلتقي الجمعان بقرقيسياء فيفرغ عليهما الصبر ويرفع عنهما النصر حتى يتفانوا   ) [17]
ومعلوم خروج هؤلاء قبل أسابيع ، ثم قاموا بمذبحة بحق شرطة الأنبار لإخلاء الطريق للتواصل مع رفيقهم الجديد أو .... عجلهم الجديد ، فبعدا للقوم الظالمين .
رايات فساق الشيعة :
    وأما فساق الشيعة فلهم راياتهم المتعددة ، منها ما ظهر ، ومنها ما لم يظهر بعد ، فمنهم أدعياء المهدوية بمختلف ادعاءاتها ( كالذي يزعم انه المهدي أو الذي يزعم انه اليماني ، أو الحسني ، وغيرها من الادعاءات ، وأكثرها غرابة و إنكارا إدعاء احدهم انه ابن الإمام المهدي وان ( أبوه أرسله إليهم ) ، وعدا هذه الرايات ، فان العن راية وأشدها كفرا هي التي ستقتل ( النفس الزكية ) الحسيني ما بين الكوفة والنجف في السنة نفسها : راجع كتابنا ( بني إسرائيل بين التنزيل والتأويل ) الذي هو بحث في قتل النفس الزكية .
وهذه الراية هي التي يشير إليها قوله تعالى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) [18]
فبحسب تفسير الأمام الصادق عليه السلام ، أنهم ( رهط من الشيعة ) وقوله تعالى ( فهديناهم ) أي إنهم كانوا قبل ذلك على سلامة من دينهم وولايتهم لأهل البيت عليهم السلام ، ولكنهم ( فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ) وغرتهم الدنيا وغرهم بالله الغرور ، وهي النفس الأمارة بالسوء والشيطان المضل ، وقوله تعالى (فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ ) هو الإمام المهدي (عج) إذا ظهر .
إذن هذه من أهم الرايات المعلومة ، ولكن الكثير منها سيدمر ، وكثير من قياداتهم سيقتلون ، وبعضهم يقتله السفياني .
ومن رواية مرفوعة عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، تفهم ما يجري وما سيكون يومئذ :
وعند جهينة الخبر اليقين
حدثنا عصام بن رواد بن الجراح ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا سفيان بن سعيد ، قال : ثني منصور بن المعتمر ، عن ربعي بن حراش ، قال : سمعت حذيفة بن اليمان يقول : قال رسول الله ( ص ) ، وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب . قال : فبينما هم كذلك ، إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فورة ذلك ، حتى ينزل دمشق ، فيبعث جيشين : جيشا إلى المشرق ، وجيشا إلى المدينة ، حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة ، والبقعة الخبيثة ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ، ويبقرون بها أكثر من مئة امرأة ، ويقتلون بها ثلاث مئة كبش من بني العباس ، ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشأم ، فتخرج راية هذا من الكوفة ، فتلحق ذلك الجيش منها على الفئتين فيقتلونهم ، لا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويخلي جيشه التالي بالمدينة ، فينهبونها ثلاثة أيام ولياليها ، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة ، حتى إذا كانوا بالبيداء ، بعث الله جبريل ، فيقول : يا جبرائيل اذهب فأبدهم ، فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم ، فذلك قوله في سورة سبأ  " وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ " ، ولا ينفلت منهم إلا رجلان : أحدهما بشير ، والآخر نذير ، وهما من جهينة ، فلذلك جاء القول : ( وعند جهينة الخبر اليقين ) [19].
ما يقوله القرآن الكريم في نتائج الانتفاضات :
لقد تقدمت الحقائق التي ستؤول إليها أحداث الانتفاضات ، و خلع العرب أعنتها ، وهي : قيام الساعة الثانية عشر من ساعات النور والنهار وأسفار الصبح ، وهو الإمام المغيَّب بأمر الله ، الإمام المهدي عليه وعلى آبائه السلام ، ولكن النتائج القريبة التي ستؤول إليها مجريات الأحداث ـ بمعنى : البدائل التي ستحل محل الأنظمة التي يتم إسقاطها ــ يشير إليها القرآن الكريم إشارة واضحة كل الوضوح والبيان ، وذلك في قوله تعالى عندما يخاطب الجيل الذي سينزل به أنواع العذاب ( من العذاب الأدنى ، إلى العذاب الأدهى والامرّ ، فيقول ( وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ *  وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الْأَمْثَالَ *  وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ *) [20] .
وقد شاهدنا ولمسنا ما يقوله القرآن الكريم فيمن سبق من سقوط الأنظمة ، وفي العراق تحديدا ، حيث أن قسمهم بأنهم لن يعطوا الملك ولن يسمحوا بان يخرج من أيديهم مرة أخرى مهما كانت التضحيات (  أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ ) فان هذا القول قالوه علانية وعلى مسمع الجميع ، وهو قول رئيس الحكومة وحزبه وحاشيته ، واما قوله تعالى ( وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الْأَمْثَالَ ) أي إنها ليست أقاصيص من التاريخ وعبر وحِكَم ، بل حقائق شاهدتموها بأعينكم ، وشاهدتم كيف فعل الله بصدام و حزبه وعصاباته ، وانتم سكنتم في مساكنهم : أي في قصورهم ومقرات حزبهم وعلى مكاتبهم ، وفي مؤسساتهم ، ولكن هل كان لكم موعظة في ذلك ؟ فيخبر القرآن الكريم بان هؤلاء هم من سنخ أولئك وعلى نفس سياستهم و بنفس أخلاقياتهم وفسادهم وفرعونيتهم ، فالقضية هي فقط حلول عصابات محل عصابات ، ومافيات محل مافيات ، وليست الشعارات التي يرفعونها في بادئ الأمر إلا للمكر والخداع للاستحواذ على الملك (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) .
   وهذا الذي جرى في العراق ، يجري الآن في ليبيا ، وفي تونس ، وفي مصر ، وفي اليمن ، ومثله في بقية البلاد التي ستتساقط أنظمتها ، فلا إصلاح ولا مصلحون ، حتى ظهور من يملأها قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا  .
صبرا يا شيعة أهل البيت :
    أمام هذا الوضع المزري الذي تعيشه الإنسانية بأسرها ، وأمام الوضع الذي يعيشه أحرار الشيعة وأخيارها وأبرارها ، من هذه الرايات الظالمة والمفسدة ، أمام هذا القتل والاستهداف ، أمام الحرمان والقهر ، ماذا أمرهم الله وماذا وعدهم وما هو جزاءهم !! لقد تكلم القرآن الكريم بذلك في أبين البيان وبشّر الصابرين منهم بما لا يعلمه إلا الله ، فدون وراثة الأرض ، ودون الجنات الأرضية والأخروية وأوصافها التي تشتاق إليها النفوس ، إدّخر الله لهم ما لم يعلن عنه ولم يكشف عنه وذلك لعظمته بما يتناسب مع جزاء وعطاء الله ، فقال تعالى في سورة ق* ( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) ، فنسأل الله تبارك وتعالى من هذا المزيد .
  لكننا قدمنا بهذا التقديم ، لنختم هذه الرسالة برواية عن الإمام الصادق عليه السلام ، عن وفاء الشيعة ودعائه لهم :
 * ( ابن محبوب ، عن أبي يحيى كوكب الدم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن حواري عيسى ( عليه السلام ) كانوا شيعته وإن شيعتنا حواريونا وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا وإنما قال عيسى ( عليه السلام ) الحواريين : "  كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ   " ، فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه ، وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ينصرونا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلدان ، جزاهم الله عنا خيرا .) [21]
ملاحظة : يجب أن يعلم المسلمون وغير المسلمين بان الشيعة والتشيع ليس حزبا سياسيا ، ولا وراثة يرثها الابن عن الأب ، بل عقيدة وفكر وأخلاق وسلوك ومبادئ وقيم ، منبعها القلب والضمير ، تدخل فيها أقوام ، و تتخلى عنها جماعات ، ويصبر عليها من ثبّت الله قلبه بالقول الثابت ، فلا حاجة للحسد ، لان بإمكان أي مسلم أو غير مسلم ، أن يتوب قبل فوات الأوان ويدخل في ولاية أهل البيت عليهم السلام ، وإن كان أبوه قاتل الحسين عليه السلام ، وإن كان قومه من حارب رسول الله صلى الله عليه وآله ، نقول ذلك لكي لا يعتقد احد بما اعتقد به إبليس عندما يئس من رحمة الله فناصب العداوة للأولياء الله ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
         ترقبوا رسائلنا القادمة
                                         عامــــر الفـــــيحان




([1])   الكافي - الشيخ الكليني ج 8   ص 209 :
([2])    كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 143 :
([3])   كنز العمال - المتقي الهندي ج 11   ص 246 :
([4])   الزخرف  65ـ 66
([5])   سورة مريم  38،37
([6])    إعلام الورى بأعلام الهدى - الشيخ الطبرسي ج 2   ص 281 :
([7])    كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 171 :
([8])     إعلام الورى بأعلام الهدى - الشيخ الطبرسي ج 2   ص 287 :
([9])       كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 154 :
([10])     تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي ج 1   ص 64 :
[11]   فتح الباري ـ ابن حجر ج 6 ص 449
[12]  تفسير ابن كثير ـ ابن كثير ج 4 ص 205
[13]  المؤمنون 75
[14]  البقرة 120
 [15]ـ  كتاب الفتن لنعيم ص 118 ، كنز العمال ج 11 ص 276
  
 [16]  كتاب الغيبة ـ محمد بن إبراهيم النعماني ص 147
 [17]   كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي  ص 177 :
 [18]  فصلت 17
 [19]   جامع البيان - إبن جرير الطبري ج 22   ص 129 :
 [20]   سورة إبراهيم  44 ــ46
 [21]     الكافي - الشيخ الكليني ج 8   ص 268 :